عاد بيشوي إلى منزله حزينًا جدًا، لم يحتمل أن يتحدث مع أحدٍ، فقد خسر كل ثروته في صفقة تجارية تمت بالبورصة. جلس بيشوي على الكرسي مكتئبًا للغاية، لا يعرف ماذا يفعل. لكن زوجته الحكيمة التقية جلست مع أولادها وأخبرتهم انه يلزمهم مشاركة أبيهم في آلامه، كما كانوا يتمتعون بثمرة حصاده ومكسبه. تسلل واحد وراء الآخر والتف الكل حوله. وإذ لم يكن قادرًا على التحدث معهم، قالت له زوجته: "لا تحزن يا بيشوي، فإن اللَّه الذي أعطاك الكثير سمح فأخذ منك مما أعطاك. فلنشكره، هو يهتم بنا!" صمت بيشوي ولم ينطق بكلمة. وبعد قليل في لهجة غضب قال: "لقد خسرت كل شيء!" ثم هزَّ رأسه وهو يقول: "حقًا كل شيء! لم يبق معي مليمًا واحدًا!" ابتسمت الزوجة: "لقد أبقاني لك، فكيف تقول إنك خسرت كل شيء؟ ألست أنا أفضل من الأموال والغنى؟" قال الابن: "كل شيء، وماذا عني أنا أيضًا ألم يتركني لك؟!" حوَّطت ابنته الصغيرة رقبته بيدها، وهي تقول: "وأنا أيضًا معك يا أبي! كما ترك لك الصحة، وهي بركة أفضل من كل غنى العالم". بابتسامة لطيفة قالت الزوجة: "لقد ترك لك يدين قويتين تعملان بهما". قال الابن: "وأيضًا ترك لك قدمين يحملانك يا أبي أينما ذهبت!" وأضافت الابنة: "وترك عينيك تتطلع بهما!" أما طفله الصغير مارك فقال: "لقد ترك اللَّه لك مواعيده الصادقة والأمينة هو أبونا الصالح الساكن معنا، يُشبع كل احتياجاتنا. لنقل مع المرتل: "باركي يا نفسي الرب، ولا تنسي كل حسناته" (مز3:103). خجل بيشوي من حب أسرته وإيمانهم، عندئذ قال لهم: "الآن علمت إنني لم أخسر كل شيء، بل ما خسرته لا يُحسب شيئًا أمام ما يقدمه لي إلهي من عطايا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق