‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص أبونا تادرس يعقوب ملطي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص أبونا تادرس يعقوب ملطي. إظهار كافة الرسائل

أكتوبر 01، 2023

بابا بقى صعب جدا


" بص يا أبونا ، انا خلاص تعبت ، بابا بقى صعب جدا ... محدش فينا فى البيت عارف يتعامل معاه.. و ده مش رأيي أنا لوحدي ، لا ده كمان ماما و أختي ، و عايشين بسببه فى غضب و نكد مستمرين ..
هو ما يعرفش يعني ايه تفاهم 
😓
 "
بدأ مينا بالكلام ده مع أب إعترافه ، و بدل ما كان جاي يعترف بخطاياه، بقى بيقول خطايا والده 
💔

حس ابونا بمشاعر مينا و قد ايه هو مسكين و أسرته كمان ، و كل البيت محتاج خدمة و محبة و رعاية 
😔

و رد ابونا بابتسامه للولد و قاله : تفتكر مين الغلطان ؟؟ إنت ولا بابا ؟!
رد مينا بسرعة : بابا طبعا !!
فقاله ابونا : طيب انت قمت بمسؤوليتك ناحية والدك ؟
إستغرب مايكل جدا من سؤال و كلام أبونا و رد عليه و قاله: مسؤولية ايه بس يا أبونا ؟ هو الكبير مش أنا ، و بعدين بقول لحضرتك انه مش بيتفاهم، عصبي جدا و مش بيسمع لحد، ده حتى أصحابي بطلوا يزوروني بسببه.
فرد ابونا و قاله : طيب عندك ايمان إن ربنا قادر يغير من طبع بابا للأحسن ؟
رد مينا و قال : أومن أكيد .
فرد ابونا : طيب إيه رأيك نصلي من أجله و نعمل ميطانيات عشانه ؟؟
مينا إتفاجئ من طلب أبونا 
😯

و سكت ابونا شوية و كمل كلامه : كلنا عندنا مسؤولية ناحية بعضنا و خليك انت الأكبر و صلي من أجل بابا و ا
إعمل ميطانيات عشانه و لما تشوفه متعصب او غضبان ما تتنرفزش ، بالعكس قابل الغضب ده ببشاشة و اخدمه بكل محبة .
بص مينا لابونا و ابتسم بس من جواه كان حاسس ان كلام أبونا صعب انه يتنفذ، مش صعب بس ده مستحيل.
و فاتت أسابيع .. و اتفاجئ أبونا بمينا جاي مبسوط و الابتسامه منورة وشه ، فسأله ابونا عن احواله و أحوال اسرته و عن سر الابتسامه الحلوة دي ؟
و رد مينا على سؤال أبونا برد غير متوقع ،
مش هتصدق يا أبونا.. 
🤗

انا اول مرة أحس و ألمس نعمة ربنا بالشكل ده ..
كل حاجة اتغيرت ١٨٠ درجة .. 
🙈

بابا بقى شخص لطيف جدا جدا 
☺️

و مش معايا انا بس .. ده مع ماما و أختي كمان ، ده حتى أصحابي بقوا متصاحبين عليه ، دي معجزة أكيد يا أبونا.. معجزة 
😇

أنا اتعلمت و عرفت إزاي أكون الكبير .. بمسؤوليتي ناحية اللى حواليا و اصلي من أجلهم و اعملهم ميطانيات..
شكرا يا أبونا 
❤

منقولة بتصرف (من كتاب قصص قصيرة ابونا تادرس يعقوب )

يونيو 11، 2023

وجه أمي المبتسم



تطلّعت مرثا إلى أختها الصغيرة سامية وقد شعرت بأنها تفكر في أمر عميق يشغل كل مشاعرها. سألتها: فيم تفكّرين يا مرثا؟ أجابت سامية: قرأت في رسائل القديس بولس: "فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجهًا لوجه" (1كو12:13)، من ينظر في مرآة يرى وجهه بينما في السماء نرى الله، فكيف نرى في مرآة، هل نرى أنفسنا أم نرى الله؟"
أجابت مرثا: "أما سمعتي القصة اليابانية المشهورة: "وجه أمي المبتسم"؛
سأرويها لك.
قيل أنه منذ أكثر من قرن كانت أسرة بسيطة تعيش في قرية بسيطة فقيرة، لم يخرج سكانها إلا في حدود مدينة صغيرة جدًا يسيرون إليها بالأقدام. وفي أحد الأيام قال رب البيت لزوجته أنه مدعو للذهاب إلى رحلة بعيدة في العاصمة. صارت الزوجة في حيرة فقد خشيت على زوجها أن يذهب هذه الرحلة بما فيها من مخاطر، وفي نفس الوقت إنها فرصة عمره أن يرى العاصمة ويمر بجوار القصر الإمبراطوري ويشاهد أمورًا لم يروها من قبل ولا سمعوا عنها. في تردد وافقت الزوجة وهي تسأل الله أن يحفظه من مخاطر الطريق. عاد الزوج بعد يومين يروي لزوجته خبراته الجديدة وصف لها أمورًا لم تصدّقها، ثم قدّم لها هدية جميلة في علبة مزيّنة. فتحت الزوجة العلبة فوجدت لوحًا معدنيّا محاط بزينة لفواكه وورود جميلة. قالت له: ما هذه؟. أجابها أن تنظر من الجانب الآخر. تطلّعت فرأت وجهها المبتسم الجميل على الجانب الآخر، إذ كانت مرآة تعكس صورة وجهها. صرخت في دهشة:: "ما هذه الأعجوبة، في داخلها سيدة جميلة تبتسم وتتكلم، من هذه؟" أجابها: "هذه صورتك!". أجابت: "مستحيل! من يعرفني في العاصمة ليضع صورتي في هذا اللوح العجيب! حتمًا إنها أعجوبة!"

فرحت السيدة بالهدية وقبّلت رجلها ثم وضعت الهدية الثمينة في مكان خفي لم يعرفه أحد، وكانت تخاف على الهدية، وكانت تراها كل عدة شهور مرة واحدة، تنعم بابتسامة السيدة التي في داخل المرآة!"
مرّت سنوات ومرضت السيدة، وإذ اشتد بها المرض جدًا وشعرت بأن ساعة انتقالها قد اقتربت نادت ابنتها الوحيدة التي صارت شابة جميلة لها ذات ملامح والدتها وتتسم بالبشاشة الدائمة. قالت لها: سأقدم لك أثمن هدية، ثم سلّمتها العلبة وقالت لها: أرجو أن تفتحيها مرة كل شهر فستجديني في داخلها. كلما سرتِ في طريق الحق سترينني فرحة متهللة. أنا معكِ يا ابنتي!

لم تفكر الابنة في الهدية إذ كان كل قلبها مشغولًا بوالدتها في لحظات احتضارها وقد تعانقتا والدموع تسيل من أعينهما.
ماتت الأم وتذكرت الابنة المبتهجة وحيدة والدتها. فتحت الابنة العلبة بقلب متهلل وتطلّعت إلى المرأة فرأت صورتها المتهلّل فظنّت أنها والدتها في صباها فصارت تحدّثها وتقول لها: "أُمّاه، لن أنساكِ سأسير في الطريق الذي يفرح قلبك!"
بعد قبلات الحب وتبادل الكلمات أغلقت الابنة العلبة لتكرر الأمر كل شهر.
لاحظ الأب على ابنته أنها تسلك بروح تقوي وورع، ففي حديث معها قالت له: "إني أريد أن أبهج قلب أمي التي أراها مرة كل شهر!"
تعجّب الوالد من حديثها، عندئذ أخبرته كيف تراها، فعرف أنها ترى صورتها هي التي تحمل سمات أمها!"
ختمت مرثا القصة وهي تقول لسامية:
"قلوبنا هي مرآة، وإذ نحمل سمات الرب يسوع فينا نراه بصورته العاملة فينا في داخلنا. لكننا سنراه وجهًا لوجه في السماء".

لتشرق بنورك على قلبي!
وليتشكل روحك القدوس في أعماقي،
فأصير مرآة تحمل أيقونتك في داخلي!
متى أترك المرآة واراك يا حبيب قلبي!

يقول الكتاب المقدّس :

الرسالة الأولى إلى كورنثوس 13 :12
فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ.

الرسالة الثانية إلى كورنثوس 3 : 18
وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.

الرسالة إلى رومية 8: 14
لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.

سفر المزامير 51 :10
قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي.

سفر المزامير 51: 11
لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ، وَرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي.

قصص قصيرة
كتب القمص تادرس يعقوب ملطي


نوفمبر 20، 2012

عهد النعمة



كان لأرملٍ طفلان، اضطر أن يستأجر مربية تهتم بهما. التقى الرجل بالمربية، وأعطاها تعليماته بخصوص الطعام، ونظافة البيت، والاهتمام بملابس الطفلين، ودراستهما ........ الخ.
كان الأب بين الحين والآخر يتصل من مكتبه يسأل المربية عن أمورٍ كثيرة، ويطمئن أن الطفلين لا ينقصهما شيء. كانت تعليماته يومية وكثيرة. فكثيرًا ما كان يوجه المربية في تصرفاتها مع الطفلين.
إذ عبر عام تزوج الرجل المربية، فلم يعد يأمرها ماذا تطبخ أو كيف تتصرف، فقد دخلا في علاقة حب. صارت تجد مسرتها في إسعاده بتحقيق إرادته دون أن يأمر أو يطلب. بل هي تسأله عما يريد أن يأكله كل يوم. إنها ليست تحت عهد الناموس. كانت تبذل كل جهدها أن تحقق كل طلباته.
هذا هو إحساس المؤمن الحقيقي في علاقته مع إلهه، إنه لا ينتظر صدور أوامرٍ ليتممها من أجل جزاءٍ زمني أو أبدي، لكنه ابن يُسر بتحقيق إرادة أبيه، أو عروس تشتاق أن تحقق إرادة عريسها السماوي.
ماذا تريد يا رب أن أفعل؟
قلبي وفكري وكل حواسي بين يديك!
أنت لي وأنا لك يا عريس نفسي!
* لا أعود أرى في وصاياك ثقلًا، بل اشتهي تنفيذها حبًا.
نيرك حلو، صليبك مفرح.لأمت فأحيا معك إلى الأبد.

 
قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب ملطى - جزء 1 - قصة رقم 179

الملحد و الصلاة المستجابة


إذ كان أحد الخدام في رحلة بحرية عبر المحيط الأطلنطي تحدث في السفينة في إحدى الاجتماعات الصباحية عن الصلاة المستجابة. وإذ سُئل ملحد حضر العظة عن رأيه فيما قيل، قال: "إني لا أصدق كلمة واحدة مما يقوله هذا الخادم".
عاد الملحد إلى حجرته هو يفكر: "هل حقيقة يوجد اللَّه؟ هل يسمع صوتنا؟ ويستجيب لطلباتنا؟ هل ما أورده الخادم من قصص هي من وحي خياله؟" وإذ كان غارقًا في مثل هذه الأسئلة صارت نفسه تصرخ في داخله تطلب أن تعرف الحقيقة. وبقيَ في صراع داخلي حتى جاء وقت الحديث التالي بعد الظهر. ترك الرجل حجرته وانطلق إلى مكان الاجتماع يستمع إلى الخادم.
عاد الملحد من الاجتماع إلى حجرته، وفي طريقه وجد السيدة تأكل إحدى البرتقالتين. في ابتسامة قال لها "يبدو أنك تتمتعين ببرتقالتك".وفي طريقه إلى الاجتماع لاحظ سيدة نائمة لكن علامات التعب واضحة على ملامحها. وفي طيبة قلب لم يعرف ماذا يفعل معها. وضع يديه في جيوبه وأخرج برتقالتين وضعهما في كفتيها المفتوحتين وانطلق إلى الاجتماع.
أجابت السيدة: "نعم، فإن أبي السماوي صالح وكريم!"
قال الملحد: "إنه ليس حيًا‍‍‍‍‍".
قالت السيدة: "لا تقل هذا، فإن لي خمسة أيام أعاني من دوار البحر، وكنت أرى البرتقال يُقدم للمسافرين في الدرجة الأولى. اشتقت إلى برتقالة، وخجلت أن أطلب ذلك من أحد. واليوم أرسل لي سيدي برتقالتين وأنا نائمة وليس برتقالة واحدة. أعطاني فوق ما أطلب وأكثر مما احتاج إني أؤمن بوعده: لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل تسألوه (مت8:6).



سألها الملحد: "هل تعنين ما تقولينه؟"



أجابت: "ولماذا أكذب؟‍‍‍
صمت الملحد قليلًا، وصار يقول في نفسه: "ألعلّ اللَّه الحيّ يهتم بها، فيستجيب لصلاتها، ويقدم طلبتها عن طريقي أنا الملحد الذي لا أؤمن به، بل وأظن إني قادر أن أقاومه؟‍!"

* افتح عن أعين كل البشرية فيروك أبًا، تبسط يديك، فتشبع كل حيّ من رضاك.
تشتاق أن تعطي، تهب بلا حدود يا محب البشر.
* علمني أن تصرخ أعماقي إليك،نصيبي هو أنت، قالت نفسي!

قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب ملطى - جزء 1 - قصة رقم 181



وحدى أنا ، ولكنى لست وحدى !

حوالي عام 1754 إذ اشتعلت نيران الحرب بين الإنجليز والفرنسيين في كندا، انحاز الهنود إلى جانب الفرنسيين. وفي إحدى الليالي هاجم مجموعة من الهنود أسرة فقيرة قادمة من ألمانيا، ولم تكن الأم ولا الابن الأكبر في البيت. قتل الهنود الرجل، وسبوا طفلتيه بربارا البالغة العاشرة من عمرها وروجينا البالغة التاسعة من عمرها مع مجموعة من الأطفال. ولم يُعرف أين انطلقوا ببربارا، لكنهم سلموا روجينا لأرملة عجوز كانت قاسية للغاية أساءت معًاملتها جدًا وأذلتها.كانت روجينا تردد ترنيمة تعلمتها من والدتها: " وحدي أنا، لكنني لست وحدي، بقربي أنت في عزلتي هذه، مخلصي دائمًا بقربي، في لحظات الضيق يهبني الفرح. إنى معه ،و هو معى! حتى هنا لا أستطيع أن أبقي وحدي بدونه !"
كانت روجينا تصلي صباحًا ومساءًا، وتحاول ترديد ما حفظته عن ظهر قلب من آيات
من الكتاب المقدس، ووجدت تعزيتها في عبارات الكتاب المقدس ووعود اللَّه الصادقة وفي الترنيمة التي تعلمتها من أمها.


لم يفارقها منظر كنيستها وبيتها وأصدقائها، وكانت بإيمان تترجى أن تعود. رجاؤها لم ينقطع قط عنها.
وفي عام 1764 حيث كانت روجينا قد بلغت التاسعة عشرة من عمرها اكتشف أحد القادة العسكريين الإنجليز معسكر الهنود، وانقض عليه، وحرر أكثر من 400 شخصًا كان قد سباهم الهنود، وجاء بهم إلى مدينةCarlisle.
انتشر الخبر وجاءت الأمهات إلى المدينة، يترجين أن يجدن أطفالهن المسبيين. ولم يكن الأمر سهلًا على كثيرًات منهن أن يتعرفن على أطفالهن، فقد نسى الأطفال لغتهم، وتغير شكلهم.
كانت أم روجينا تسير بين المسبيين المتحررين لعلها تلمح بربارا وروجينا، وإذ لم تستطع صارت تبكي بمرارة. عبثًا حاول المسئولون أن يعزوها. وأخيرًا قال لها أحدهم: "هل تذكرين شيئًا به تكتشفين ابنتيكِ؟" أجابت كل ما أذكره إننا كنا نرنم معًا ترنيمة: "وحدي أنا، لكنني لست وحدي".
طلب منها المسئول أن تقف وسط المتحررين وتغني ذات الترنيمة. وبالفعل وقفت الأم ترنم، وإذا بها تجد فتاة تجري نحوها وتشاركها ذات الترنيمة. ارتمت الأم على عنق روجينا، وصارت تقبلها. لقد التقيا معًا بالحب وروح الوحدة خلال وعود اللَّه الصادقة والإيمان الحيّ الصادر عن قلبيهما معًا!
عادت الأم إلى بيتها ومعها ابنتها المفقودة منذ عشرة سنوات، وكانت تردد في قلبها كلمات الرسول بولس: "وإنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تُحكِّمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع" (2تي15:3).
قصص ابونا تادرس يعقوق الجزء  

نوفمبر 14، 2012

علم السماء


لاحظ كريستيان ملك الدانمرك في أثناء تجوله في كوبنهاجن أن علامة الصليب المعكوف ترفرف على مبنى عام، في انتهاك للاتفاقية بين هتلر والمدينة. أمر الملك: "انزلوا هذا عن المبنى".
رفض الضابط الألماني تنفيذ الأمر قائلاً: "لقد رُفع هذا العلم حديثًا بناء على أوامر صادرة من برلين".
قال الملك: "لقد قلت أن ينزل هذا العلم قبل الساعة الثانية عشرة، وإلا سأرسل جنديًا إلى أعلى المبنى لينزله".
قال الضابط: "أي جندي يقوم بهذا يُضرب بالرصاص".
عندئذ قال الملك: "أنا هو الجندي الذي ينزع هذا العلم!"

وصعد الملك إلى المبنى وأنزل العلم، ولم يستطع الضابط النازي أن يقتل ملك الدانمرك.

هكذا نزل ملك الملوك، ربنا يسوع المسيح من السماء، ليمزق علم العدو ويحطم الشيطان رئيس هذا العالم، ليحل محله علم السماء.
وكما يقول الرسول بولس: "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أيإبليس" (عب14:2) . كما يقول يوحنا الحبيب: "لأجل هذا أُظهر ابن اللَّه لكي ينقض أعمال إبليس" (1يو8:3).
* لتعبر يا ملكي في شوارع قلبي المحْتل! لتنزع من داخلي علم إبليس! ولتقم علمك فوقي محبة (نش4:2)!

* من يستطيع أن يطرد المستعمر من قلبي؟ من يحرر أعماقي غيرك؟ لترفع علم حبك فيّ، فتصير أعماقي سمواتك!


قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب – جزء 1 – قصة رقم 191

مُلحد و سيدة فلاحة


منذ سنوات تطوع أحد الأشخاص المتعلمين أن يجول من مدينة إلى أخرى يبث أفكاره الإلحادية على الجماهير، وكان ببلاغته يُشكك الحاضرين في الإيمان باللَّه، حاسبًا ذلك تخلفًا، ودراسة الكتاب المقدس جهلاً، والخلاص بدم المسيح جهالة.
التقى بعددٍ كبيرٍ من الجمهور في قاعة ضخمة بمدينة ما وصار يتحدث معهم ببلاغة فائقة، وإذ شعر أنه قد سيطر على عقول الحاضرين ومشاعرهم، في اعتزاز صرخ أمام الجميع: "إن كان اللَّه القدير موجودًا فليُعلن ذاته بأن يضربني بالموت حالاً". وفي سخرية قال: "انظروا إنه لا يوجد اللَّه".
فجأة سارت نحوه سيدة فلاحة صغيرة وبأدب قالت له: "سيدي، إنني لا أستطيع أن أقف أمام حججك، فأنت متعلم وأنا فلاحة بسيطة غير متعلمة. لكنني أطلب منك وأنت إنسان كلك حكمة وعقل وعلم أنت تجيبني على سؤال يحيرني".
في اعتزاز قال لها: "لتسألي..."
سألت السيدة: "أنا إنسانة بسيطة، آمنت بسيدي يسوع المسيح الذي يحبني وقد مات لأجلي. إيماني به يملأ كياني فرحًا، انتظر الموت في رجاء حيّ أن أكون معه. أسألك يا سيدي: ما هي خسارتي إن فوجئت أنه لا يوجد إله ولا خلاص ولا حياة أبدية عندما أموت؟
حدث صمت رهيب في القاعة، أما المحاضر الملحد ففي شيٍء من السخرية قال لها: "لن تخسري شيئًا لأنك بعد الموت لا تقفين أمام أحد، ولا يكون لك وجود!"
قالت السيدة الفلاحة: "أشكرك يا سيدي لأنك أجبت على سؤالي. هل تسمح لي بسؤال آخر فقط؟
في كبرياء قال لها: "اسألي..."
سألته: "عندما يأتي دورك فتموت، ماذا يكون موقفك أن اكتشفت أنك تقف أمام اللَّه الذي تُهينه، وأن الكتاب المقدس حق، والخلاص الذي ازدريت به حقيقة واقعية؟!"
صمت المحاضر بينما ارتبكت كل الجماهير فيما بينها... وتشكك الكل في أحاديث المُلحد الكاذبة.

* وهبتني عقلًا وحكمة لأتعرف عليك، لتقدس بصيرتي فأراك! ليراك الكل فيفرحوا بك، لينتظر الكل اللقاء معك!

قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب – جزء 1 – قصة رقم - 190

انتقل من الموت إلى الحياة



لاحظ الصبي مارك على وجه والدته ابتسامة عريضة فسألها: "لماذا أراك متهللة يا أُماه!" أجابت الأم: "لقد سمعت عظة على وعد السيد المسيح لنا: "الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يو24:5). صارت الأم تشرح لابنها هذا الوعد الإلهي، وكيف أدركت يقين عمل السيد المسيح الخلاصي، الذي في استحقاقات دمه ننتقل دومًا من موت الخطية إلى الحياة الجديدة التي لنا فيه.

فتح الاثنان الكتاب المقدس ووضع الصبي خطًا تحت الوعد الإلهي، وحفظ الوعد عن ظهر قلبه. صار يردده طول النهار... وكانت نفسه تمتلئ فرحًا.

إذ عبرت أيام قليلة دخل الصبي البيت فوجد والدته في كآبة، فقد فقدت فرحها الداخلي. تطلع مارك إلى والدته بدهشة وهو يقول: "ماذا حدث يا أُماه؟ ألعلّ الآية قد تغيرت؟ سأذهب وأرى!" ثم أسرع إلى حجرتها وأحضرالكتاب المقدس، ثم فتحه وهو يقول لها: "إنها لم تتغير إنها ذات الآية التي كنا نقرأها... الوعد الإلهي لم يتغير".

لأحفظ مواعيدك الإلهية الصادقة، فتحفظني دائمًا متهللًا وناميًا‍‍‍!

* لتنقشها في قلبي، ولترسمها أمام عيني، فلا أعود أنساها!

* هذا هو وعدك الحيّ: أن تهبني ذاتك يا أيها القيامة! بك أحيا ومعك أتمجد يا بهجة قلبي.

قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب ملطى - جزء 1 - قصة رقم 189


نوفمبر 13، 2012

لم اسمع شيئاً


عند باب مبنى أسقفية الفيوم القديم سأل الأب الكاهن عن أبيه الأسقف نيافة الأنبا أبرآم، فقيل له أنه جالس على الأريكة (الدكة) كعادته فدخل إليه.


إذ رآه الأب الأسقف همّ عليه مسرعًا في بشاشة ليحتضنه ويقبّله، ثم سأله عن أخباره، فتنهد الأب الكاهن بمرارة وهو يقول:

- لم أنم الليل كله يا أبي الأسقف.

- لماذا؟

- بسبب زميلي الكاهن.

هنا صمت الأب الأسقف دون أن تظهر على وجهه أية ملامح، لكن الكاهن استرسل في الحديث عن زميله الكاهن. وإذ طال الحديث جدًا والكاهن يشكو زميله استدعى الأنبا أبرآم أحد العاملين في الأسقفية يدعى رزق، وسأله أن يهيئ له فنجان قهوة.

شرب الكاهن الفنجان واسترسل أيضًا في الحديث، وإذ أطال عاد نيافته فطلب للكاهن فنجانًا آخر.

عاد الأب الكاهن يتحدث في مرارة، والأسقف لا ينطق ببنت شفة ولا ظهرت أيّة علامة تعبر عن شيء كانعكاس لما يسمعه. وأخيرًا ختم الكاهن حديثة هكذا: "لقد أطلت الحديث عليك يا أبي الأسقف لكنك لم تجبني بكلمة ولا أرشدتني ماذا أفعل". عندئذ تطلع إليه الأب الأسقف وهو يقول: "سأطلب لك فنجان قهوة يزن عقلك... صدقني إني لم أسمع شيئًا من كل ما قلته".

خجل الكاهن جدًا من نفسه واعتذر عما صدر منه من شكوى ضد الكاهن زميله، طالبًا منه أن يصلي من أجله حتى يقدر أن يضبط لسانه بل وفكره فلا يدين أحدًا، انحنى برأسه يعتذر عما قاله، سائلًا الأب الأسقف أن يصلي من أجله لكي يعطيه الرب حلًا عن خطاياه.

خرج الأب الكاهن من حضرة أبيه الأسقف ليجد أمامه زميله الكاهن فاحتضنه وقبَّله ناسيًا كل ما صدر منه.

عاد الكاهن إلى الأب الأسقف وأسرع بعد فترة ليست بطويلة فسأله الأسقف عن حال زميله، فأجاب الكاهن أن كل الأمور تسير بخير وأنه يشعر بأن زميله الذي كان قبلًا يراه كمُضايق له قد صار لطيفًا معه للغاية، بل ويشعر أنه غير مستحق لزمالته ونوال بركته، وكان الكاهن يمتدح زميله جدًا، ففرح به الأسقف، وتطلع إليه ببشاشة وهو يقول له: "أسرع إلى الكنيسة واشترك في صلاة القداس الإلهي".

خرج الأب الكاهن من حضرة أبيه الأسقف وأسرع إلى الكنيسة حيث اشترك مع الآباء الحاضرين في القداس، وكان متهللًا جدًا، يشعر بلذة روحية فائقة، وكانت نفسه كأنها منطلقة في السموات عينها.

انتهى القداس الإلهي بسرعة عجيبة، وانطلق الكاهن يحمل "قربانة حمل" نحو الباب الخارجي، ففوجئ به مغلقًا. أخذ الكاهن يقرع باب الكنيسة حتى فتح له الفراش وهو مندهش.

- كيف دخلت يا أبي الكنيسة؟

- كان الباب مفتوحًا.

- أنا لم أفتحه بعد.

- كيف هذا؟ فإنني اشتركت مع بعض الآباء في خدمة القداس الإلهي.

- أي قداس؟

- القداس الإلهي.

- لم يُقم اليوم قداس إلهي.

- أقول لك أنني اشتركت في الصلاة بنفسي، وها هي "قربانة الحمل".

عندئذ أدرك الأب أنه إنما كان يصلي القداس الإلهي مشتركًا مع جماعة من الآباء السواح مكافأة له عن تركه إدانة أخيه الكاهن واتساع قلبه بالحب .

ليصمت لساني عن الإدانة، فيرفع قلبي وفكري إلى سمواتك،

* ليتني لا انشغل بضعفات الآخرين،فأتمتع بشركة السمائيين!

* هب لي ألا أدين أحدًا، فأهرب من الدينونة الأبدية!


قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب ملطى - جزء 1 - قصة رقم - 188

الحلوانى العجيب


كان العم بشاي الحلوانى رجلاً أميناً وبسيطاً للغاية، يسير بعربته التى ملأها بالحلوى في شوارع شبرا يبيع للأطفال، خاصة بجوار إحدى مدارس شبرا.
كان العم بشاي محباً للإنجيل ، يأتيه بعض أصدقائه ليجالسوه فيقدم لهم إنجيله الذي لا يعرف القراءة فيه، ويسألهم أن يقرءوا له منه بعض الفصول أو حتى بعض الفقرات.
وفي أحد الأيام لاحظ العم بشاي أحد جيرانه قادماً إليه من بعيد وقد ظهرت عليه علامات الارتباك الشديد ، وفي هدوء شديد قال العم بشاي:
- سلام يا أخى.
+ سلام ياعم بشاى.
- خيراً!
كل الأمور تسير في خير، إنما السيدة أم مجدى تشعر بألم و تطلب منك إن أمكن أن تترك العربة لأحد أصدقائك و تذهب إليها .
ارتبك العم بشاي قليلاً فقد ترك زوجته،أم مجدى، في الصباح حيث كانت تشعر بقليل من الألم، لكن لم يكن يظن أن الأمر فيه خطورة، فقد أخفت الكثير من آلامها وراء ابتسامتها الرقيقة و وكلماتها الغذبة معه ومع أولادهما الثمانية.
رشم العم بشاي نفسه بعلامة الصليب، ورفع قلبه نحو السماء يصلى لأجل زوجته،ثم سار نحو بيته حيث وجد باب حجرته - في الدور الأرضى- مفتوحاً وقد التفت النساء الفقيرات حول زوجته المسكينة في الحجرة الوحيدة التى تعيش فيها كل العائلة. لقد اعتادت هؤلاء النسوة أن يزرن البيت ويأخذن معونة بسيطة من السيدة أم مجدى.
إذ رأى الرجل هذا المنظر، خاصة وقد بدأت النسوة يعزينه في زوجته التى ماتت، تمالك نفسه قليلاً وفي هدوء طلب منهن أن يتركن الحجرة ألى حين و معهن أولاده، ودخل الرجل حجرته ليقترب من زوجته الممتدة على السرير بلا نفس، جثة هامدة. في إيمان عجيب ركع العم بشاى، وهو يصرخ في بساطة قلب، " أنت أعطيتني يارب ثمانية أولاد وأعطيتنى هذه الزوجة عموداً للبيت تربى أولادى فكيف تأخذها منا؟ من يستطيع أن يربى هؤلاء الأولاد؟"
انزرفت الدموع من عينيه بلا حساب و هو يعاتب الله متمتماً بكلمات غير مسموعة، وإذ هو غارق في دموعه سمع كلمات واضحة: لقد وهبت زوجتك خمسة عشرة عاماً كما فعلت قبلاً مع حزقيا الملك.
هنا استرد الرجل انفاسه ليشكر الله على هطيته ورعايته، ثم نادى النسوة ان يدخلن الحجرة و طلب منهن أن يقدمن لها طعاماً.
في بساطة مملوءة أيماناً، قال الرجل لزوجته: يا أم مجدى قومى لتأكلى"
وإذا بالسيدة تفتح عينيها و بعد دقائق صارت تأكل.
خرج العم بشاى من بيته وهو يشكر الله على عظيم رعايته، وإذ وجد أحد معارفه سأله أن يكتب له تاريخ اليوم في ورقة صغيرة ليضعها في محفظته.
مرت الأيام و السنين وإذا بالعم بشاي يشيخ وقد ربى أولاده الثمانية خلال عمله كبائع حلويات. وفي أحد الايام جاءه رجل يقول له بأن أم مجدى مريضة جداً.
أخرج الرجل الورقة من محفظته وسأله ان يقرأ له التاريخ المكتوب عليها، وإذ عرف أنه قد مرت خمسة عشرة عاماً تماماً أدرك أن وقت نياحتها قد حان، وعندئذ نزلت الدموع من عينيه وهو يسرع نحو بيته يقود عربة الحلوى.
دخل الرجل حجرته حيث ارتمى بجوار السرير و هو يقول لزوجته:
" وداعاً يا أم مجدى!وداعاً!
أشكرك يارب لأنك تركتها لي كل هذا الزمان لتربى أولادها و تعيننى.
الآن استريحى يا أم مجدى في الرب.
"اذكرينى عند ربي يسوع المسيح!"
+ما أعذبك يا خالقي، تهبنى عذوبة و تهليلاً في حياتى اليومية.
و تمنحنى سلاماً و بهجة في رحيلى.
إن عشت فلك أعيش، وإن مت فلك أموت . أنت هو حياتي و مجدي الأبدي!

قصص قصيرة لابونا تادرس يعقوب ملطى قصة رقم 187 الجزء الاول 

نوفمبر 03، 2012

إنى مدين لكِ بكل شىء يا أماه


في ولاية جورجيا إذ تخرج ابن أرملة وحيد، وكان الأول على كليته، ترقب يوم الاحتفال بالتخرج ليتسلم من رئيس الجامعة نيشانًا خاصًا، كما ينال مدالية ذهبية لأنه أظهر نبوغًا خاصًا في دراسة معينة.
جاء يوم الاحتفال وإذ لاحظ الابن أن والدته لم تستعد للحفل، سألها: "اليوم هو يوم الاحتفال بتخرجي وأراكِ لا تستعدين للذهاب معي إلى الحفل، لماذا؟"

بصوتٍ مملوءٍ اتضاعًا قالت له الأم: "أنت تعلم يا ابني إني فقيرة جدًا، وأقوم بغسل ملابس الناس لأجد ما نعيش به، أنت وأنا. وسيأتي إلى الحفل أغنياء المدينة وعظماؤها بملابسهم الفاخرة، فلا أريد أن أسبب لك حرجًا، إذ ليس لديَّ ملابس لائقة بالحفل. إني أخشى أن تخجل مني!"
تطلع الابن إلى أمه، وتسلّلت الدموع من عينيه، وهو يقول:
"ماذا تقولين يا أماه؟!
أنا أخجل منكِ؟!
إني مدين لكِ بكل شيء يا أمّاه!
كل ما لي في الحياة هو بفضل محبتك وتعبكِ.
إني لن أذهب إلى الحفل بدونك".
أصر الابن ألا يذهب إلى الحفل بدونها، واقتنعت الأم التي بذلت كل الجهد لإرضائه. سارا معًا يمسكان أيديهما بعضهما البعض حتى دخلا قاعة الاحتفال. وجلست الأم بملابسها الرخيصة بين الأغنياء.
أخذ الابن موقعه على المنصة كأول الدفعة، وقدم له رئيس الجامعة نيشانًا ومدالية ذهبية بعد أن امتدحه كثيرًا. وإذ كان الكل يصفق له حمل المدالية بين يديه ونزل من المنصة، وذهب إلى والدته وثبتها في ملابسها. ووقف يقول أمام الجميع: "هذه الميدالية من حقك يا أمّاه، أنتِ تستحقينها! إني مدين لكِ بكل حياتي ونجاحي ونبوغي!"
هكذا لم يخجل الابن الوحيد من أمه الفقيرة التي بذلت كل جهدها ليحيا إنسانًا ناجحًا.

فهل تخجل أيها العزيز من مسيحك الذي افتقر ليغنيك؟! وصُلب لكي يدفع عنك دينك؟ وجُرب لكي يهبك حياة الغلبة والنصرة؟! لتقل مع الرسول: "أما أنا فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح!". حقًا لقد وعدنا: "كل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضًا قدام أبي الذي في السموات" (مت22:10).
صرت أيها الإله القدوس عبدًا،لكي ترفعني أنا العبد إلى رتبة البنين.
صرت آخر الكل،لكي تشركني في مجدك!
كيف أخجل منك يا سرّ مجدي؟!

قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب ملطى - جزء 1 - قصة رقم 183

أكتوبر 19، 2012

فى قبضة الحب



فى قبضة رجال الشرطة 

دخل عادل حجرة النوم فى خطوات هادئة لم يعتدها من قبل ؛ وأغلق الباب لكنه عوض أن يُلقى بجسدة المنهك على السرير؛ ارتمى على الأرض ؛واسند برأسه على الكرسى؛ وهنا سبحت أفكاره يميناً ويساراً. تجلى أمامه الماضى البعيد والماضى القريب كما الحاضر أيضا . كان يناجى نفسة تارة بصوت مسموع ؛ وأخرى إذ يدرك  أنه فى بيت غريب يصمت ليناجى نفسة سراً:
  لقد عشت يا عادل كل حياتك محروماً من الحب؛ لاتذكر حتى فى طفولتك أن أمك قد احتضنتك يوماً ما ؛ ولا أباك كان يترفق بك ؛ ولا اخواتك يهتمون بك.
عشت لا تعرف العاطفة؛ ولا تذوقت الدفء العائلى . بدأت حياتك الدراسية طفلاً مشاكساً؛ لاتعرف الرقة في التعامل ولا احترام الأخرين؛ تريد أن تنتقم من كل إنسان وتشاغب مع كل  أحد. وكان نصيبك النبذ من المدرسين والطلبة. لم يعرف أحد أن يدخل قلبك ويروى عطشك أو يُضمد جراحاتك الخفية ؛ أما أنت فلا تعرف لغة القلب .
 كان نصيبك الفشل المستمر ؛ فصرت من جماعة المشاغبين ؛ وانتهى امرك بالطرد من المدرسة . قسا الزمان عليك ؛فقسوت على الناس ؛ وصار العنف يسرى فى دمك . تعلمت ان تغتصب كل ما تقدر ان تمتد إليه يديك ؛ فصرت مُحترفا السرقة . واخيراً انتهت حياتك بالسجن  لتعيش حياتك منبوذاً من الجميع ؛ محروماً من اثمن ما فى الوجود : الحرية ! والأٌن ها أنت فى .. فيلا جميلة ؛ أصحابها أغنياء ؛ أغنياء بالأكثر فى الحب! لعلها لأول مرة  ترى  فيها  أناساً يبتسمون فى وجهك ويهتمون بك ولا يحتقرونك  . لماذا يُحبونك؟ وماذا يرجون فيك أو منك ؟! هكذا لم يدرِ  كم من الوقت قد قضاة سابحاً فى أفكاره ؛ يذكر لمسات الحنان التى قدمتها لة السيدة العجوز والملابس الجديدة التى قدمها له  ابناها . لكنه تحت ضغط الإرهاق الجسدى الشديد اغمض عادل عينيه ليغُط فى نوم عميق وهو ملقى على الأرض بلا حراك .
 فجاة ؛ فتح عادل عينية على قرعات الباب الهادئة ؛ وبدأ يفكر بسرعة خاطفة أين هو ؟ وما الذى جاء به إلى هذة الحجرة الجميلة بأثاثها الفاخر . لكنه تدارك الأمر أنه فى استضافة عائلة مُحبة تلقفته بعد أن قضى زمانا فى السجن . فتح عادل الباب ليجد أحد الشابين يعتذر له إن كان قد أيقظه من النوم بقرعات الباب:-       

  آسف جداً يا أخ عادل . فإنى ما كنت أحسبك نائماً  .
 خشيت أن تكون فى خجل من  أن تأتى وتجلس معنا. 

شكرا يا أخى على محبتك ؛ فقد كنت محتاجاً فعلاً أن أنام كل هذة الفترة الطويلة .

 -  إذن ؛ فلتتفضل معنا العشاء لتعود وتُكمل راحتك .
 ذهب عادل إلى الحمام  وغسل وجهه بسرعة ؛ ثم جلس مع الأم العجوز وابنيها على المائدة . بعد صلاة قصيرة بدأوا يأكلون وهم يتجاذبون  أطراف الحديث. 

-   نرجو أن تكون قد اخدت قسطاً  وافراً  من الراحة .
 -  اشكر الله ؛ فإنى أشعر براحة خاصة وأنا فى وسطكم .
 -  يسرنا جداً أن تعيش معنا ؛ فالمكان متسع ؛ وبركات الرب كثيرة !
 -  أنا لا استحق هذة المحبة ؛ ولا استحق أن أعيش  بين قديسين مثلكم ؛ فإنى إنسان شرير . قضيت عمرى فى الخطية والشر .
 -         لا تقل هذا يا عزيزى ؛ فنحن جميعًا تحت الضعف .ولكل منا خطاياة ؛ لكن الرب يستر علينا برحمته .
 -  لا.....لاتقل هذا . لعلك لا تعرف ما انا عليه ..... فقد امتنزجت  طبيعتى  بالشر ؛ وكأنى والشر صرنا واحداً .
  لا تخف ؛ فإن الله الذى خلقنا قدم حياته من أجلنا . أنه يحبنا ؛ نزل إلينا ؛ وصار مثلنا كواحد منا ؛ ودفع حياته ثمناً لخلاصنا .
 لعلة يُخلص آخرين غيري ........
  لا .... بل يريدك  أنت . أنه  يحب كل إنسان ويشتهى خلاص  كل  أحد .
 -  ألم أقل لكم  أنتم  لا تعرفوننى . لقد قضيت حياتى كلها فى الشر ؛ لقد امتزجت حياتى بكل اصاف الخطية  ؛ وما أظن  إنى اقدر أن اتخلص منها !
 -         الله الذى يحب الخطاة هو يقدر أن يعين الجميع . لقد غير حياة الزنا والعشارين ودخل بيهم إلى الفردوس .

 -   إذ انتهوا من العشاء غسلوا ايديهم ؛ ونزلوا معاً إلى الحديقة يُكلمون الحديث عن محبة الله اللانهائية . حتى انسابت  دموع عادل بغزارة ووقف الكل يصلون . 

 بعد فترة ليست بطويلة ارادت العائلة أن ترحب بالضيف أكثر فأكثر  ,
 فسالوة  إن كان يأخذ  فكرة عن الفيلا ومحتوياتها  . فأجاب بالايجاب وبدءوا يسيرون معه من حجرة إلى حجرة ؛  يكشفون له عن اسرار البيت كله . واخيراً استقرت وقفتهم أمام قطعة أثرية جميلة وُضعت على البيانو .
 -  إنها قطعة جميلة .
 -   نعم ، واثرية أيضاً  ؛ (أجابت العجوز) .
 -   وما ثمنها  .
 -  إنها تساوى خمسة آلاف جنيهاً مصرياً  . لكنها فى نظرنا أثمن من ذلك بكثير ؛ أنها لا تقدر بثمن  . فهى تحمل  ذكرى والدى واجدادى الذين توارثنا عنهم .
 بعد أن أخذ عادل فكرة عن البيت ومحتوياته ؛ دخل الجميع الحجرة المخصصة للصلاة العائلية ؛ وأمام أيقونة السيد المسيح صلى الكل ؛ وذهب كل منهم إلى حجرة نومه . وضع عادل راسه على الوسادة وحاول أن ينام لكنه لم يستطع إذ بدأت الأفكار تتراقص فى ذهنه . كيف تفلت . هذة القطعة الأثرية من يدى ؟ لكن كيف اخون الذين احبونى  من كل القلب ؟ وهل أعيش عالة عليهم كل أيام حياتى ؟ لأعيش عالة ولا أسرق؛ فقد وعدتهم ألا أعود إلى الخطية مرة أخرى . ما قيمة قطعة أثرية فى أيدى أناس أغنياء ؛ هم ليسوا فى حاجة إليها . لأسرقها وأبيعها كى أجد عملاً تجارياً شريفاً ؛ فلا أعود أنحرف بعدها ! فى وسط الصراع العنيف قام عادل وتسلل وسط الظلام على أطراف أصباعة حتى بلغ إلى الصالة ؛ وهناك وقف أمام القطعة متردداً . مدّ  يده ليمسكها ؛ ثم عاد فتراجع ؛ وتكرر الأمر مرة ومرات؛ وأخيراً تشدد وامسك بالقطعة  وتسلل نحو الحديقة ليجد الباب الحديدى مغلقا . لن هذا لا يشكل مشكلة ؛ فبسرعة البرق قفز من  السور إلى الشارع  ليجد نفسة أمام رجلين من الشرطة ؛ أمسكا به .  ارتبك عادل جداً ؛ ولم يعرف ماذا يفعل . لقد فتشه الرجلان ووجدا معه القطعة الأثرية فاخداها منه واقتاداه إلى دار الشرطة.

فى دار الشرطة     

ايقظت العجوز أحد ولديها على أثر قرعات غريبة على الباب بعد منتصف الليل ؛ وكانت المفاجأة أن فتح الشاب ليجد أمامه رجلين من الشرطة : -         لاتقلق ؛ فقد امسكنا رجلاً يقفز من سور حديقتكم ومعه بعض المسروقات ؛ فأتينا نخبركم .
  اشكركما تفضلا .
 -    ضابط البوليس ينتظرنا ؛ ويطلب رب البيت  أن يحضر ليتعرف على المسروقات .
 -  حالاً أحضر معكما .
 -   سمعت الأم العجوز الحديث ؛ فادركت أن عادل هو المقصود.  للحال أسرعت نحو حجرته لتجد الباب مفتوحا ؛ وإذا دخلت لم تجده . عندئذ خرجت وأصرت أن تذهب مع ابنها إلى دار الشرطة . وعبثا حاول ابنها أن يثنيها عن عزمها .
 -  انطلق الشاب بعربته ومعه والدته العجوز ورجلىّ الشرطة ؛ وهناك إذ دخل الكل حجرة الضابط؛  سلمت الام على عادل سلاماً حاراً ؛ إما هو فقد نكس رأسه ولم يقدر أن يرفع عينيه ويتطلع إليها . تعجب الضابط من المنظر .
  اتعريفنه يا سيدتى ؟
 -   نعم أعرفة جيداً ؛ أنه صديقنا الحميم !
  لقد وجدناه  يقفز من سور حديقتكم .
 إنه صديقنا  والبيت هو بيته .
 -  وجدنا معه قطعة أثرية ثمينة .
 -  أنا أعطيته إياها لكى يعالج عيبًا فيها .
 -  ألا تتهمي بالسرقة .
 -   مستحيل .
  إذن نتركه على مسئوليتكم !
 لا، بل سناخذه معنا يبيت اليلة عندنا .
 لم يتحمل عادل هذه المحاورة فقد شعر كأنه  وقد افلت من يد الشرطة صار أسير حب فريد لم يذقه من قبل . وهنا تسللت  الدموع من عينيه وهو جامد الحركة لا يعرف ماذا يقول ولا يتصرف ؛ عندئذ تقدم الشاب فى محبة ؛ وامسك بيده؛ واقتاده الى السيارة ليذهب معهما إلى الفيلا .
 عند باب السيارة ثقلت قدمى عادل جداً وانهمرت دمعومة بكثرة وهو يقبل يدى الأم العجوز ؛ قائلا :
 
"سامحينى فقد أسأت لليد التى أحسنت إلىّ " .

 لا تقل هذا يا عادل ؛ فإن الله يغفر لنا كل يوم .
 اشكرك ؛ لكننى لا أقدر  أن أعيش  أسير هذا الحب  . إنى لا استحق حبكم ولا أستطيع أن أقف وسطكم .
 -  إن كنت قد حكمت علينا أننا نحبك فأسمح أن تقضى بقية الليلة معنا .
 لا أحتمل يا أمى ؛ فإن ناراً تلتهب داخلى !
 -  لاتقل هكذا يا عادل ؛ اسمح أن نعود جميعاً فرحين .
 تحت لجاجة الأم العجوز ركب عادل معهما حتى وصلا الفيلا . وهناك نزل من السيارة  ليقف على الرصيف  وعيناه قد تسمرتا متجهتين نحو المكان الذى قفز منه .  ربتت الأم على كتف ودخل الكل إلى الفيلا ؛ حيث تسلل عادل إلى حجرته ليقضى بقية الليلة يجهش فى البكاء ؛ وفى الصباح الباكر بعد أن صلى مع العائلة وأخذ افطاره استاذنهم وخرج بلا عودة !
 مع الراهب دانيال
 مرت السنوات وأصيبت الأم  بمرض الفالج (الشلل) الذى أفقدها قدرتها على الحركة ؛ فصارت حبيسة بيتها مع ابنيها الرجلين اللذين يبذلان كل الجهد فى خدمة الكنيسة .
 كان الابنان  يلتقيان كل مساء مع امهما ليشترك الكل معاً فى الصلاة العائلية ؛ وبعد دراسة فى
 الكتاب المقدس  يسير الولدان بامهما إلى أحدى الشرفات على عجلة ؛ خاصة بها ؛ ويقضون وقتا ليس بقليل يتحدثون في  سير القديسين السابقين ؛ وما يدور حول شخص  الراهب  دانيال . فقد فاحت سيرتة المقدسة فى كل
 أنحاء القطر ؛ وتحول الدير إلى مزار يفد إليه الناس من كل صوب يلتمسون بركة القديس ؛ الأمر الذى دفع بالراهب دانيال أن يترك الدير ويهرب إلى مغارة على بعد عدة أميال من الدير .
 فى إحدى الليالى ؛ قالت الأم لولديها : "اذهبا إلى أبينا دانيال ليبارككما ؛ واطلبا منه ان يصلى عنى ."
  ولماذا لا تأتى معنا يا أماه ؟
 أنت تعلم يا ابنى إنى عاجزة عن الحركة ؛ ولا أريد أن أثقل عليكما . يكفينى أن تنالا أنتما البركة .
 لا ..... بل إن أردتِ فلتذهبى معنا ليصلى عنك فيهبك الرب الشفاء .
 -  أنا لا أطلب  شفاءً للجسد بل أشتاق إلى إن أكمل أيامى فى رضى الرب واعبر سريعاً.
 -  لا تقولى هذا يا أمى فنحن محتاجون بركتك معنا .
 -  لقد اكملت رسالتى يا ابنى ........إنى اشتهى أن أنطلق واكون مع  السيد المسيح ؛ وذلك افضل جداً .
 أصر الابناء أن يأخذا امهما معهما وقرر الكل أن تكون الرحلة فى اليوم التالى . وبالفعل فى الصباح المبكر جداً سار الابنان بأمهما إلى السيارة ؛ وحملاها إلى المقعد الخلفى  لتستريح ؛ وانطلق الكل نحو البرية إلى الدير .
 لم يكن من السهل أن ينزلا بأمهما من السيارة ويحملانها على العجلة ليدخلا بها إلى كنيسة الدير . فى الطريق إلى الكنيسة قالت الأم فى ألم : "ارجو أن تتركانى فى الدير هنا وتذهبان أنتما إلى المغارة ؛ فان السيارة لا تقدر أن تصل إلى المغارة ؛ أظن أن العجلة لا تقدر أن تسير فى الرمال . يكفينى أن تذهبا و تطلبان منه ان يصلى عنى .
 وأنا أنتظركما هنا حتى آخر اليوم  .
  - لاتخافى يا أمى ؛ فإن الله سيدبر الأمر ؛ نحن قد أتينا من أجلك  وسنسأل أن كان بالدير (جيب ) تقدر أن تصل بنا الى المغارة .
 لا تتعبان ؛ ولا تحرجا أنفسكما مع الأباء الرهبان .
 -  لقد علمتينا اننا بالإيمان لا يوجد مستحيل .
 هنا بلغ الكل باب الكنيسة ؛ حيث خلع الكل أحذيتهم ودخلوا فى مخافة وهدوء إلى الهيكل حيث سجد الابنان إلى الأرض وصليا . أما الأم فقد انذرفت دموعها وهى تصلى بكلمات غير مسموعة . وبعد أن قبل الكل أجساد القديسين خرجوا يسألون عن الراهب دانيال .
 سال أحد الابنين راهباً: كيف يمكننا الذهاب إلى المغارة ابينا دانيال؟ 

هل تريدون أبانا دانيال ؟
 -لو سمحت ؛ فإننا مشتاقون أن ننال بركته ؛ وأمى كما تراها مريضة بالفالج .
 على أى الأحوال ؛ أن تدبير الله حسن ؛ فإن الاب دانيال حالياً فى الدير .
 أشار الراهب إلى الموضع الذى يجلس فيه أبونا دانيال ؛ الذى تفرس فيهم كثيراً وهم قادمين . واذ وصلوا اليه مع الراهب سألوا : أبانا دانيال ؟
 اجاب الراهب فى هدوء : نعم أنت .......أنت بولس ؟ 

-  كيف عرفتنى ؟
 وانت بطرس.؟
 -  نعم ......اتعرفنى ؟
 هل هذه أمكما ؟
 نعم !
 وفى لحظات ضرب الراهب دانيال مطانية أمامهم ثم أخذ الابنين بالأحضان وصار يقبلهما ؛ ثم تقدم إلى الأم وصار يقبل يديها وهو يبكى .
 وقف الكل فى دهشة ؛ بل وتجمع عدد ليس بقليل من الرهبان يرون هذا المنظر الغريب . أخذ الراهب يقول للأم العجوز : ألا تعرفينى ؟! أنا ابنك عادل ؛ الذى احتملتم ضعفه وأسرتموه بالحب حين سرق القطعة الأثرية ...أنا عادل الذى كنت لصاً ؛ وعلى أيديكم عرفت مسيحى ! إنى مدين لكم بكل حياتى فى المسيح يسوع !  ثم ركع الراهب دانيال بجوار العجلة وصلى فى اتضاع  وانسحاق بدموع غزيرة ورشم الأم  بالزيت باسم الله القدوس الآب والابن والروح القدس ؛ فتحركت الأعضاء اليابسة ؛ وقامت
 العجوز عن العجلة لتمسك بيديها الأب دانيال وهى تسبح الله وتمجدة .     

هذة القصة رواها لى قداسة القس اثناسيوس بطرس وطلب منى تسجيلها فى أسلوب قصصى ...وإن كنت قد قمت بتغيير بعض احداثها.
 
قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب ملطى – قصة رقم 185