‏إظهار الرسائل ذات التسميات الرائى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الرائى. إظهار كافة الرسائل

مايو 14، 2023

لنعشْ كسائرِ البشر



كان أسدٌ يتمشى في وسط الغابة، وإذ به يرى كل الحيوانات تهرب من أمامه وتخشاه، إذ هو ملك
الحيوانات. زئر بقوة فدوّى صوته في كل الغابة، وخرج عشرات الأسود واللبوات والأشبال بسرعة إليه.
رأوه واقفًا في صمت،ٍ فقال أحدهم: "سمعنا زئيرك فأتينا جميعًا، كل أسدٍ ومعه لبوته وأشباله؛ جئنا لكي
نعمل معك، أو ننقذك إن آنت في خطر"!
قال الأسد " أشكرك، إني لست في خطرٍ... إني ملك، تخشاني كل الحيوانات البرية، وتهرب من أمامي،
لكن خطر بي فكرة أردت أن أعرضها عليكم".
- ما هي؟
- لنعش كسائر البشر.
- ماذا ينقصنا لكي تشتهي أن تكون كالبشر؟ إننا من جهة الجسم أقوى،من جهة الحرية نتمشى في الغابات بحرية...
- ينقصنا أن نتشاجر معًا، ويأكل بعضنا لحم بعض، فهذا من سمات البشر!
- كيف يكون هذا، ونحن دائمًا نعمل معًا... إن افترسنا حيوانًا نقتسمه جميعًا، ونعطي الشيوخ والمرضى والأشبال
نصيبها حتى وإن لم تتعب معنا؟
- تعالوا نختلف معًا في الرأي ونتقسم إلى جماعات مختلفة، نحارب بعضنا البعض، ونأكل بعضنا بعضًا!
- يستحيل، فإنه إن أكلنا بعضنا بعضًا فنينا، لأن أجسامنا ليست هزيلة آغالبية البشر، وأسناننا ليست في ضعف اسنانهم!
- لنحاول، فنحمل خبرة البشر...
- كيف نختلف معًا، ونحن بالطبيعة نعمل معًا؟!
هذه القصة الخيالية على ألسنة الأسود من وحي ما
كتبه القديس يوحنا ذهبي الفم، إذ يقول إن الإنسان
قد انحط إلى مستوى أقل من الحيوانات والحشرات، فيطالبنا الكتاب المقدس أن نتعلم الجهاد وعدم الكسل من
النملة، والعمل الجماعي حتى من الحيوانات المفترسة آالأسود... فإنها وإن كانت مفترسة لكنها لا تأكل بعضها
البعض بل تعمل معًا، أما الإنسان فيختلف حتى مع من هو قريب إليه.
أذكر أنني دُعيت للتدخل في مشكلة في أمريكا الشمالية بين أب وابنه قاما بمشروع معًا كشريكين ونجح المشروع، فرفع الأب على ابنه قضية يطالب فيها أن المشروع ملكًا له، ناكرًا شركة ابنه معه، هذا الذي من لحمه ودمه!! يا لبشاعة الخطية! ما لا تفعله الحيوانات المفترسة يرتكبه الإنسان بغير حياء!
صرت عندك كبهيمةٍ!
= تطلع النبي إلى ما فعلته به الخطية فصرخ:"صرت عندك آبهيمةٍ"! لا تتعجب أيها الحبيب،
فإن الحيوانات تلتزم بقوانين الطبيعة، وتسلك أفضل من كثير من البشر!
= وهبتني يا ربي عقلا،ً وأعطيتني نعمة الإرادة الحرة، لعلي بنعمتك ارتفع إلى سماواتك
وأتشبه بملائكتك!
أتعرف عليك وأتمتع بأسرارك، 
وأحيا في مجدٍ فائق!
= لغباوتي حطمتني الخطية، أذلتني وانحدرت بي إلى الهاوية! لكنك في حبك نزلت إليّ،
لتحملني على منكبيك،
وأحيا بالحق ابنًا مبارآًا ومقدسًا! لا أعود أتعلم من الحيوانات،بل من السماء عينها! أرى الخليقة آلها تخدمني، من أجل حبك ! الفائق لى

مايو 06، 2023

لدغة عقرب


قصة واقعية حدثت مع شاب في صعيد مصر
. جلست وأنا فتى مع راهبٍ روى لي القصة التالية:
"
عشت في بداية حياتي إنسانًا متدينًا،
أحب الصلاة الشخصية والحياة الكنسية
.
كانت الكنيسة بالنسبة لي بيتي الذي فيه استريح.
حقًا كانت تهاجمني أفكار الشهوة، لكنني كنت أقاومها، مشتاقًا أن أحيا في الطهارة، واختبر العفة.
في شبابي التقيت بفتاة،ٍ اتسمت بالعفة مع الوداعة واللطف. وتكوّن بيننا نوعًا من الصداقة البريئة، إذ
نعيش جميعًا في البلد كعائلة واحدة
.
كنت أرى فيها كل ما هو طاهرٍ وعفيف،ٍ لكن مع مرور الزمن تعلقت نفسي بها، وأحسست بأنها احتلت مكانًا في قلبي هو ليس بمكانها. وكانت هذه أول تجربة لي في هذا المجال.
كنت أصرخ ليلاً ونهارًا لإلهي، خشية أن أكون في طريق منحرف يهدم حياتي الروحية... لكن تعلقي بالفتاة كان قويًا.
اتصلتْ بي فجأة وأخبرتني أنه لا يوجد أحد بالمنزل، وطلبت مني أن أزورها.
في البداية ترددت كثيرًا؛ إنها أول مرة التقي فيها مع فتاة وحدها بغير معرفة أسرتها، لكن تعلقي بها
سحب كياني كله نحو بيتها
... كنت أسير كمن بغير إرادته. وفي نفس الوقت كنت أصرخ طالبًا الإرشاد من مخلصي.
كنت أتقدم برجلٍ وأتراجع بالأخرى... كنت في صراعٍ مرٍ!
سرتُ حتى بلغت البيت، وإذ أمسكت "بـسقّاطة" الباب لأطرقه إذا بعقربٍ كانت مختفية لسعتني!
صرخت في أعماق قلبي قائلاً:
"
أشكرك يا إلهي، فقد بلغتني رسالتك.
أشكرك يا مخلصي، فإنك تقود حياتي!
ماذا تريد يا رب مني؟"!
أسرعت بالعودة إلى بيتي علل لاج من لدغة العقرب، بل بالأحرى لأُراجع حسابات قلبي الخفية.
جلست مع نفسي ساعات طويلة أتساءل: ماذا تريد يا رب مني؟ وكان قراري بلا تردد... انطلقت إلى الدير ّ لأكرس كل طاقاتي لمن أحبنيلقد غيرت لدغة العقرب مسيرة حياتي كلها!
لتتحدث يا ربي معي ولو بلدغات عقربلتعلن اهتمامك بي!ها أنا بين يديك،
ماذا تريد يا رب مني؟!
لست أسأل أن أكون راهبًا أو متزوجًا،
بل أن تُكرِّس قلبي بالكمال لحساب ملكوتك،
وتتجلى أيها القدوس في أعماقي
!
وتكرز بإنجيلك خلال سلوكي الحي

أبريل 30، 2023

خائفٍ على نفسي



بعد حوالي عشرين عامًا التقيت مع أحد الأحباء في كاليفورنيا، طلب مني أن أزوره
في بيته الفخم جدًا. وإذ جلسنا معًا قال لي: "لعلك تذكر منذ حوالي عشرين سنة حين
بدأت حياتي هنا في كاليفورنيا كنت أكافح بكل طاقتي، والآن أعطاني اللَّه أكثر مما أسأل
وفوق ما أطلب".
قلت له: "إنها عطية اللَّه نشكره عليها، هو يهتم بنا"!
قال: "أتعرف كيف أفاض عليَّ بهذا الغنى الشديد! منذ عدة سنوات قلت في نفسي ،
ماذا أنتفع إن نجحت هنا ولا أتمتع بميراث السماء. ركعت أمام إلهي ووضعت عهدًا ألا
أمد يدي إلي العشور مهما كانت ظروفي، فإنها أموال اخوة الرب! قلت له: سأقدم أيضا
للمحتاجين سواء في مصر أو في أمريكا من التسعة أعشار، فإنني لا أملك شيئًا! إنها
عطيتك لي يا إلهي!
بدأت أعطي بسخاء وإذا أبواب السماء تنفتح أمامي. أعطاني فوق احتياجاتي. كنت
أركع وأصرخ: كفي! كفي! إني خائف على نفسي لئلا تأسر آثرة الخيرات نفسي
وتحطمها. وكلما كنت أصرخ هكذا آان يفتح بالأكثر أبوابه ويعطيني"...
هكذا عبر هذا الأخ عن معاملات اللَّه معنا حينما نفتح لا مخازننا بل قلوبنا أولاً
ونفوسنا لاخوتنا الأصاغر فإنه يفتح أبواب سماواته أمامنا، ويعطينا بفيض فوق ما
نتصور .
حينما تحدث السيد المسيح عن قطيعه الصغير موضع سرور الآب قال: "لا تخف
أيها القطيع الصغير، فإن أباكم قد سُر أن يعطيكم ملكوت السماوات. بيعوا أمتعتكم
وأعطوا صدقة" لو .٣٢:١٢،٣٣يتلوه المؤمن في الخدمة الثالثة من تسبحة نصف
الليل... وكأنه في اللحظات الأخيرة من منتصف الليل حيث نترقب مجيء السيد المسيح
نشتهي أن نكون من القطيع الصغير الذي يفرح به الآب، يفتح له أحضانه الإلهية الأبوية
ليستقر فيها. أما طريق للعضوية المجانية في هذا القطيع فهو أن نفتح أبواب قلوبنا
للصغار فنبيع أمتعتنا ونعطي صدقة. حينما ينفتح القلب بالحب وبفرح للصغار الجائعين
والعطشى والعرايا والمطرودين والمسجونين وكل المحتاجين نجد قلب اللَّه مفتوح لنا
لنصير قطيعًا مقدسًا للرب.
إني أهمس في أذنك: أتريد أن تكون عضوًا في هذا القطيع الصغير المقدس، غالبًا
شهوات الجسد والأفكار الدنسة؟! أعطِِ حبًا للصغار، افتح قلبك للجميع أيضًا خاصة
والديك... سترى كيف تهبك نعمة اللَّه روح القداسة كسمة لك بانضمامك العملي لقطيع
المسيح المحبوب لدى الآب.

احسبني من قطيعك الصغير
إني أئن من خطاياي وشهوات جسدي،
لماذا لا أعيش في قداسة قطيعك الصغير؟!
هب لي بروحك القدوس أن ينفتح قلبي بالحب للصغار،
للفقراء والمحتاجين، والعاجزين، والمتضايقين.
لينفتح قلبي أيضًا لوالديَّ بالطاعة المملوءة فرحًا.
فتنفتح أبواب سمواتك أمامي.
تضمني إلى قطيعك الصغير،
فأتقدس لك وأحيا في أحضان أبيك السماوي.
فتى تائب

أبريل 29، 2023

على كتفي مطران



فى إحدى جلسات مجلس كنائس الشرق الأوسط سمعت قصة رواها أحد المطارنة عن الأدب القبطي
النسكي هزت أعماقي، ولا تزال تشغل كل كياني
.
التحق شاب بديرٍ فسلمه رئيس الدير إلى شيخٍ تقيٍ وقور ليتلمذه. بدأ الشيخ يهتم بالشاب من جهة
حياته الروحية موجهًا نظره إلى الالتصاق باللَّه كمخلصٍ وصديقٍ يلهب القلب بالحب
.
يبدو أن الشاب كان متراخيًا إلى حد كبير، وكان الشيخ يحثه على الجهاد، ويدفعه نحو طريق الحب
العميق لا الاتكال على شكليات وتداريب بدون روحٍ
.
فجأة مات الشاب، فحزن عليه الشيخ جدًا، إذ يعرف ما له من رخاوة في جهاده، وإذ كان يبكيه وتئن نفسه من جهته رآه يومًا ما في حلم. كان واقفًا ونيران الجحيم قد بلغت قدميه.
إذ رأى الشيخ المنظر بكى بمرارة على هذا الابن، أما الابن فتطلع إلى الشيخ وهو يقول: "لا تبكي
يا أبي علي،ّ فإني واقف على كتفي مطران
"!
قام الشيخ من نومه منهارًا... وجلس مع نفسه أيامًا يتأمل أعماقه، متساءلاً: إن كان هذا هو حال مطرانٍ متهاون،ٍ فماذا يكون حالي؟ إن ثوب الرهبنة لا يشفع في المتراخين!
ربما كانت هذه القصة رمزية يرويها الأدب القبطي النسكي لحث المؤمنين على التركيز على أعماق النفس الداخلية لا التوقف عند ممارسة التداريب الروحية بدون روحٍ!
مناجاة فتى!
لك اشتكي نفسي يا مخلصي!
أقرأ الكتاب المقدس بانتظام،
لكنني في غباوة لا أراك خلف الحروف
!
أصلي كل صباحٍ ومساء،ٍ
لكنني لا أعرف كيف أتحدث معك في علاقة شخصية
!
أمارس الكثير من العبادة، لكن أعماقي متحجرة!
علمني كيف أدخل إلى العمق،
التقي بك خلال كلمتك المكتوبة،
وأتحاجج معك في صلواتي،
وأري صليبك مشرقًا عليّ في توبتي،
وأتمتع بالثبوت فيك عند تناولي من أسرارك،
أدخل كما إلى السماء وأنا في كنيستك
!
لتمسك يمينك نفسي،
ولتدخل بها إلى حجالك المفرح،
فأتهلل بك يا شهوة قلبي
!
أمتلئ رجاءً لا يقدر أن يحطمه الموت!
وأنعم بملكوتك الذي لا تقوى عليه أبواب الجحيم!
نعم لست أتكل على برٍ ذاتي،ٍ ولا على مركزٍ كنسي،
وإنما على فيض غنى نعمتك