‏إظهار الرسائل ذات التسميات بذل الذات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بذل الذات. إظهار كافة الرسائل

مايو 22، 2023

دفعا الكثير!!



قيل أن إمبراطورًا قرر أن یبني كنيسة ضخمة لا یشترك أحدٌ غيره في نفقاتها. وكان الإمبراطور ینفق
بسخاء عليها حتى تم البناء... وإذ وضعوا لوحة تذكاریة عند المدخل جاء فيها اسم الإمبراطور قُبيل تدشينها
وافتتاحها، لاحظ المسئولون أن اسم الإمبراطور قد اختفي ونُقش اسمان بدلاً منه. تعجب المسئولون لذلك،
فانتزعوا الحجر، وجاءوا بغيره نُقش عليه اسم الإمبراطور، وتكرر الأمر ثانية ثم ثالث...
سمع الإمبراطور بذلك فلبس المسوح، وصلى إلى اللَّه أن یكشف له الأمر. ظهر له ملاك الرب وأخبره
أن طفلين یستحقان ذكر اسمهما أكثر منه، لأنهما دفعا الكثير.
تساءل الإمبراطور: كيف دفع الطفلان الكثير، وقد قام هو بدفع كل النفقات؟
قال له ملاك الرب إن الطفلين محبان للَّه جدًا، اشتاقا أن یقدما لبناء بيت الرب تبرعًا، لكنهما لا یملكان
مالا،ً إنما یحملان قلبين غنيين بالحب. لقد قرر الطفلان أن یحملا وعاءً یملآنه ماء،ً یضعانه في طریق الجمال
الحاملة للحجارة التي یُبني بها بيت الرب... كانا یتعبان طول النهار، ليقدما حبهما وجهدهما، فاستحقا هذه
الكرامة!
هذان هما العاملان مع اللَّه ولحسابه خفية!
حقًا یحتاج بيت الرب إلى جنود خفيين، سواء كانوا أطفالاً أم شيوخًا أم شبانًا أم رجالاً أم نساءً...
إمكانياتهم الحب الخالص الكثير الثمن!
بيت الرب لا یبنيه الكاهن وحده ولا الشمامسة، بل كل عضو حيّ! حينما استصغر إرميا النبي نفسه
سمع الصوت الإلهي:
"لا تقل إني ولد...أنا أكون معك" (إر.١)
لا تقل إني أصغر من أن أساهم في بيت الرب، فاللَّه یعمل بالكثير كما بالقليل ليخلص على كل حالٍ
قومًا. لا تنشغل بكثرة إمكانياتك أو عدمها... فاللَّه الذي خلق اللسان تكلم خلال فم موسي الذي اعتذر بثقل لسانه(خر،٣)
أذكر في الستينات جاءتني سيدة من بني سویف وكان زوجها زميلاً لي في العمل قبل الكهنوت... قالت لي: أرید أن ابني كنيسة في الإسكندریة باسم الملاك ميخائيل، ثم قدمت لي مبلغ : ١٢٠جنيها، قائلة خذ هذا المبلغ
لتبني به الكنيسة... أخبرت أبانا بيشوي كامل بالأمر فدهش هو أیضًا وأخذ المبلغ وحفظه... ولم تمضِ إلا شهور
قليلة وبطریقة غير طبيعية بُنيت كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بمالها!
أترید أن تبني كنيسة المخلص؟ استمع إلى كلمات
القديس يوحنا الذهبي الفم إذ یقول: "علموا الذین في الخارج أنكم آنتم في حضرة اللَّه، آنتم مع الشاروبيم والسيرافيم وكل السمائيين." یطالب القدیس كل رجل أن يبني بيتًا للرب في قلب زوجته، وكل زوجة في قلب رجلها، وكل عبد في قلب سيده... بالحياة الإنجيلية المملوءة حبًا
وفرحًا وتهليلاً ینضم إلى الرب كل یوم الذین یخلصون
.
بالحب الصادق الناضج المملوء اتضاعًا نقيم بيتًا للرب في قلوب كثيرة، ولا یقف السن عائقًا، ولا المركز أو الإمكانيات أو المواهب!
ماذا نقدم في بيت الرب؟
اكتفي هناك بكلمات العلامة أوريجينوس التي اقتبستها في كتاب: "الكنيسة بيت اللَّه:"
]أهلني یا ربي یسوع المسيح أن أساهم في بناء بيتك...
مسكن الرب الذي یریدنا أن نقيمه هو القداسة... بهذا یستطيع كل إنسانٍ أن یقيم للَّه خيمة داخل قلبه...
في الخيمة یشير القرمز والإسمانجوني والكتان النقي... إلى تنوع الأعمال الصالحة.
یشير الذهب إلى الإیمان،والفضة إلى الكرازة (مز،٦:١٢)
والنحاس إلى الصبر.
والأخشاب التي لا تسوس إلى المعرفة التي یتمتع بها المؤمن في خلوة البریة، والعفة الدائمة التي لا 
تشيخ.
یشير الكتان إلى البتولية،
والأرجوان إلى محبة الاستشهاد،
والقرمز إلى ضياء المحبة،
والإسمانجوني إلى رجاء ملكوت السماوات
.
بهذه المواد تُقام الخيمة.
ليكن للنفس مذبح في وسط القلب،
عليه تُقام ذبائح الصلاة ومحرقات الرحمة،
فتذبح فوقه ثيران الكبریاء بسكين الوداعة،
وتُقتل عليه آباش الغضب وماعز التنعم والشهوات...
لتعرف النفس كيف تقيم داخل قدس أقداس قلبها منارة تضيء بغير انقطاع

مايو 01، 2023

غباوة سجين



سمع أخنوخ عن الإمبراطور وعظمته وجبروته وأيضًا عن غناه وجماله فأحبه جدًا، وكثيرًا ما كان
يقتني صورته ليضعها أمامه ويخاطب صاحبها في إجلال وإكبار
.
ارتكب أخنوخ جريمة ما دفعت به إلى السجن، ليعيش في زنزانته يعاني من العزلة والضيق في
مرارة
. لكنه بقي مواليًا للإمبراطور لا حديث له مع السجّان أو المسجونين أو الزائرين إلاّ عنه!
إذ كان الإمبراطور يحب السجين جدًا، اشتاق أن يُسجن عوضًا عنه. فتخفي الإمبراطور مرتديًا زي سجين عِوض الثوب الملوكي والتاج، طالبًا تنفيذ الحكم الصادر ضد أخنوخ فيه.
دخل الإمبراطور الزنزانة بثياب رثة، ليأكل خبز الضيق ويشرب ماء المرارة، يعيش بين جدران السجن وسط المساجين الأشقياء، بينما انطلق أخنوخ في حرية يخلع الثياب الرخيصة المهينة، ويرتدي ثيابًا فاخرة، يشارك أسرته وأصدقاءه الحرية والحياة.
كم كانت دهشة الكثيرين حين شاهدوا هذا السجين - الذي أحبه الإمبراطور، وُسجن عِوضًا عنه يخجل من الإمبراطور ويستهين به، محتقرًا إيّاه لأنه ارتدى ثياب السجن، ودخل إلى زنزانته نيابة عنه. لقد كرَّمه جدًا في غيابه وُبعده عنه كجبّارٍ عظيمٍ حيث كان محاطًا بالعظمة الملوكية، والآن يستخف بحبه!
هذا ما حيّر القديس يوحنا الذهبي الفم الذي روى لنا قصة الجحود هذه إذ رأى اليهود واليونانيين
يحتقرون المصلوب من أجلهم، متذكرًا كلمات الرسول بولس
: "ونحن نكرز بالمسيح مصلوبًا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة" )١كو.(٢٣:١
لم يكونوا قادرين على قبول حب اللَّه الكلمة وتنازله ليدخل إلى زنزانة حياتهم، رافعًا إيّاهم إلى حرية مجد أولاد اللَّه
.
يبقى الصليب سرّ العشق الإلهي، يختبره من عرف الحب الإلهي العملي الباذل، فيرى اللَّه ليس في معزلٍ عنه وإنما يبادره بالحب.
ليصمت فم ذاك الفيلسوف الفرنسي، سجين القرن العشرين، القائل: "أبانا الذي في السماوات؛ لتبقَ أنت في سماواتك ولنبقى نحن في أرضنا"!...جراحات مجد وقوة!

كثيرًا ما يخفي الإنسان آثار جراحاته. فتبَّنى الطب الحديث علم التجميل،ليخفي كل أثرٍ للجراحات، حاسبًا إيّاها تشويهًا!
أما أنت يا مخلصي فقمت من الأموات، تحمل في جسدك الممجد آثار جراحات الصليب! إنها ليست تشويهًا تحتاج إلى تجميل! بل هي جراحات الحب الفائق! جراحات مجد وقوة!
تبقى سر جمال فائق أبدي!
صليبك وجراحاتك هي قوة اللَّه للخلاص، ليست عثرة، بل موضوع عشقٍ لنفسي،ليست جهالة، بل آشف عن الحكمة الإلهية!
صليبك بجراحاته فتح أبواب السماء،وضمني إلى مصاف السمائيين!أنعم بالحياة السماوية،
وأشارك السمائيين تسابيحهم وتهليلاتهم!
على الصليب بسطت يديك المجروحتين،لتضم الشعب مع الشعوب،وتقيم من آل الأجناس أعضاء جسدك الواحد!
صليبك مزق الصك المكتوب ضدي،فديتني من بنوة إبليس لأصير ابنًا للَّه،عوض العبودية المرة وهبتني حرية مجد أولاد اللَّه!
صليبك شهَّر برئيس هذا العالم،حطّم سلطانه ونزع عنه مملكته!صرتُ حرًا، تقيم فيَّ مملكة النور!قدمت لي برك، فلا تحطمني ! الخطية وهبتني سلطانًا، فلا أخاف قط!
صليبك العجيب كشف لي عن شخصك الحبيب!أنت حبي، يا شهوة قلبي!أنت حياتي وقيامتي، يا غالب الموت!أنت نوري وتسبحتي، يا مصدر الفرح!أنت خبز السماء وينبوع المياه الحية!أنت قائد نفسي وطريق الحق، تحميني ! من الشباك
! نعم لأصرخ قائلاً مع الرسول:"أما أنا فحاشا لي أن أفتخر إلاّ بصليب ربنا يسوع" "قد رُسم بينكم يسوع وإياّه مصلوبًا