وفى ذات ليلة شرب النعمان
من الخمر مقدارا زائدا . وكان معه اثنان من رجال الدولة المقربين اليه ولكنهما فى
ذلك الوقت عارضاه فى أمر من الامور فغضب عليهما وأمر بقتلهما ....
فلما اصبح الصباح وصحا من سكره سأل عنهما ... فقيل له : لقد اهلكتهما
بالأمس . فندم ، وحزن حزنا شديدا . وامر بدفنهما وبناء قبرين عظيمين لهما .
وجعل لهذه الحادثة المشئومة فى كل سنة يومين يجلس فيهما بين القبرين .
احدهما تذكارا لزمن الانس والفرح بنديميه وسماه
(( يوم النعيم )) واول شخص يقبل عليه فى يوم النعيم
كان النعمان يكرمة ويعطيه مائة من الابل (الجمال) . اما اليوم الاخر فهو تذكار قتل
الرجلين وسماه
ملء النعمان الاقامة فى القصور العالية ومالت نفسه الى الجولان فى الاراضى
الخالية فركب فرسا اسود يسابق الرياح وخرج مع جماعة من عسكره وحاشيته يطوى الهضاب
(الأراضى المرتفعة المنبسطة ) والبطاح (الأراضى المنخفضة بين الجبال ) الى أثار
حمارا وحشيا فأجرى فرسه وراءه حتى ابتعد جدا عن اصحابه وأمطرت عليه السماء فجأة
فطلب مكانا يحميه ولجأ الى خيمة فاذا فيها رجل اسمه (((حنظلة))) من طيئ (وهى قبيلة
من العرب كان دينها المسيحية )
كان حنظلة ذا هيئة مهيبة ومعه امرأة مثله فى العمر والوقار هى زوجته وله
منها جملة أولاد صغار
قال له النعمان ايمكن ان اكون ضيفكم الليلة ؟؟؟
فأجاب حنظلة نعم ورحب بضيفه واحسن استقباله دون ان يعرف انه الملك النعمان .
وعاد حنظلة الى زوجته واخبرها انه أضاف رجلا يبدو انه شريف عظيم . وسألها
ماذا نقدم له ؟ قالت عندى بعض من الدقيق كنت قد ادخرته . وسأهئ منه خبزا طازجا ...
فقم انت الى الشاة واذبحها
ولم يكن حنظلة يملك الى تلك الشاة فقام اليها وحلبها ثم ذبحها . واطعم
النعمان من لحمها مضيرة (لحما مطبوخا باللبن ) وسقاه من حليبها وقدم لفرسه العليق
(ما يعطى للدابة من الشعير ) واخذ يسليه بالحديث حتى نام .
وفى الصباح كان المطر قد امتنع وكانت حاشية النعمان قد لحقت به فى ذلك
الموضع . فقال لحنظلة : يا أخا طيئ . انا النعمان فأطلب ثوابك . وبالغ
!
فقال حنظلة : ربما طلبت فى المستقبل ان شاء الله اما الان ... فالحمد لله .
فاتجه الملك نحو الحيرة حتى وصل عاصمه ملكه ...
بعد زماااان ساءت احوال حنظلة بسبب مصائب حلت به . فقالت له زوجته لو ذهبت
الى الملك النعمان لاحسن اليك فسار حنظلة حتى وصل الى الحيرة .
واتفق ان كان يوم وصوله هو يوم الجحيم عند النعمان . فاغتم الملك من أنه
اتاه فى ذلك الوقت وقال له : يا حنظلة ... هلا اتيت فى غير هذا اليوم ؟؟؟
فاغتم الملك من انه اتاه فى ذلك الوقت وقال له يا حنظلة ...هلا اتيت فى غير
هذا اليوم ؟.
اجاب حنظلة ( حفظك الله يا جلالة الملك . لم يكن لى علم بعادة جلالتك ...)
قال النعمان : ( سوف تقتل ...)
فقال حنظلة : ( قد اتيتك زائرا ولمعونتك ناظرا فلا تجعل عطيتك لى هى قتلى ،
ولا تجزنى بالسوء على حسن فعلى ).
فقال الملك : (اطلب حاجتك لانك مقتول ..)
فقال حنظلة : (وماذا استفيد بعطائك ما دمت سأقتل ؟)
قال النعمان : (لا سبيل الى نجاتك . ولو كان ابنى نفسه هو اول من قابلنى
اليوم ، لكان مصيره القتل ولا بد ).
فقال حنظلة : ( ما دام الامر كذلك فأعطنى مهلة حتى ارجع الى اهلى فأعطيهم
وصيتى واهيئ حالهم ثم اتى اليك فتنفذ فى حكمك ) .
فقال النعمان : ( أقم لى ضامنا لك ).
فنظر حنظلة الطائى الى وجوه الحاضرين فعرف منهم رجلا ذا مقام رفيع اسمه
شريك فاستنجد به فرفض شريك أن يكون ضامنا .
وهنا وثب رجل من جلساء النعمان وندمائه اسمه قراد وقال للنعمان : (انا
ضامنه . يده فى يدى ودمه بدمى ).
فساله النعمان متعجبا :( أنت
ضمن حنظلة ؟ )
فرد قراد مؤكدا : نعم . أنا اتكفل به .
فرضى النعمان بذلك وأعطى حنظلة خمسمائة جمل فانصرف بها الى اهله على ان
يرجع بعد عام كامل فى مثل ذلك اليوم .
مضى العام ولم يبق الا يوم واحد فقال النعمان لقراد : (انى اراك ستهلك غدا
...).
فقال قراد :( ان
غدا لناظره قريب )...
ولما كان الصباح تسلح النعمان وخرج بين جنوده الى مكان القتل وامر بقتل
قراد .فقال له بعض وزرائه لا يحق لك ان تقتله حتى يستوفى نهاره .
فأعطاه النعمان مهلة وهو يشتهى ان يقتله لينجو حنظلة الطائى .
ولما قاربت الشمس ان تغيب وقراد واقف مكان القتل والسياف الى جانبه اقبلت
امراة قراد تبكى زوجها وتندبه وترثيه بشعر مؤثر ....
فبينما هم كذلك لاح لهم شخص من بعيد ... فقالوا للنعمان : ليس لك أن تقتله
حتى يأتيك هذا الشخص فتعلم من هو ... فامتنع عن القتل حتى وصل اليهم الرجل. فاذا
هو حنظلة !!!!
فلما راه النعمان اقشعر جسمه وقال : ( ما الذى جاء بك وقد افلت من القتل
؟؟؟ ).
فقال : [[[ لقد حرضنى بعض من اهلى على ان اظل ببلدى ولا اتى فى الموعد
المحدد .... ولكنى رفضت مشورتهم الرديئة ... لانى ذو اخلاق حميدة ووفاء
]]]..
فقال الملك : ( وماذا دعاك الى وفاء فيه موتك ؟ )
فقال حنظلة : [[[دينى ...ان دينى يمنعنى من الغدر ]]] فقال النعمان : ( وما
دينك ؟)
قال حنظلة : (النصرانية . اننى مسيحى .).
فقال الملك : ( اعرضها على )
فشرح له حنظلة أصول الدين المسيحى
فتنصر الملك هو وأهل الحيرة أجمعين . وكانو قبل ذلك من عباد الاصنام . وقال
: (حقا انى ما رأيت أعجب منكما ... فليس مثلك يا حنظلة فى الوفاء ولا مثلك يا قراد
فى الكرم والسماحة .)
واما انا فقد تخليت عن تلك العادة القبيحة من الان فلم يعد لى يوم جحيم ولا
سوم نعيم . وقد امرت لك يا حنظلة بألف دينار . وان تحمل الى أهلك بغاية الاعتبار
ولك يا قراد بالف اخرى لتكون عونا لك فى دنياك .
عن سلسلة قصص مسيحية مصورة الجزء الرابع لسنة 1977
بقلم جرجس رفلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق