ازدحمت كنيسة مارمرقص بمصر الجديدة بالخدمات، وضاق المكان بها، فهي أقدم كنيسة بمصر الجديدة ولم تضاف إلى مساحتها أو مبانيها شيئاً جديدا على مر السنين رغم ازدياد الخدمات .
بدأ البحث عن أرض قريبة منها لشرائها وظل هذا البحق أكثر من ثلاثين عاماً ولم تتفق الأراء وتصل إلى نجاح، وأخيراً تجمعت أراء الكثيرين حول قطعة أرض تبعد عن الكنيسة أمتار قليلة، ووافق قداسة البابا شنودة الثالث، ولكن صعوبة المشكلة كانت في صعوبة ثمن الأرض بمنطقة الكنيسة فهو يقدر بالملاين، وخزينة الكنيسة لم يكن فيها الا مليون واحد. ولكن الله وضع حماساً في قلوب كهنة وخدام الكنيسة وبدأ التشاور مع صاحب الأرض، وكان ذلك يوم أحد عندما حضر مندوب صاحب الأرض إلى مكتب كاهن من كهنة الكنيسة ثم استدعى كاهناً آخر ليشاركه في النقاش مع الرجل الذي طلب تسديد ثمن الأرض دفعة واحدة وهي ثمانية مليون وربع، فأظهر له الكاهن استحالة هذا الأمر أما هو
فأقصى مدة أعطاها للتسديد كانت شهر. وعلم الكهنة أن شخصاً آخر يريد شراءها وأمواله جاهزة. ودخل الكاهن ليصلي القداس الثاني تاركاً مندوب صاحب الأرض مع أبونا ولم يكن أمامه إلا وضع الأمر على المذبح وطلب معونة الله وشفاعة مارمرقص الرسول لأنها كنيسته وهو المسئول عنها. بعد القداس مباشرة حضر الكاهن المسئول عن التفاوض مع صاحب الأرض إلى الأب الذي صلى القداس وأخبره أن التفاهم استمر بالتليفون مع صاحب الأرض في ألمانيا حتى وافق على تقسيط المبلغ بمعدل مليون ونصف كل ثلاثة شهور.
بدأت الأزمة تنفرج ويدفعها الله لمحاولة جمع المال ولكن كيف؟! والكهنة والخدام ليس لديهم خبرة في هذا ، بل يغطيهم الخجل عند طلب التبرعات من الناس . وبعد دقيقة واحدة ظهر كاهن من كنيسة أخرى قد أخبرته خادمة من الكنيسة بالمشروع وتحدث مع أحد رجال الأعمال الذي أظهر ترحيبه وبتدبير الله كان معه شيكاً لموضوع آخر فأعطاه له وأحضره وكان بمبلغ 60 ألف جنيهاً وشعر الجميع أن الله يعضدهم ويدفعهم للعمل .
وتحرك الحماس في قلوب الكهنة والخدام وبدأوا يجمعون التقدمات الصغيرة وفئة الخمس أو العشر جنيهات وأحياناً أجزاء من الجنيه وبعض الناس قدموا مصوغاتهم من الذهب والبعض أخذ دفاتر لجمع التبرعات وتحرك الكهنة والخدام للجميع من أصحاب الأموال. وأحياناً كثيرة كانوا يعودون من جولة بمبلغ محدود مثل ألف جنيه أو ألفين ولكن لا تمر ساعات حتى نفاجأ بشخص يأتي بنفسه للتبرع بمبلغ كبير مثل خمسين أو مائة ألف جنيهاً .
وعند اقتراب مواعيد الأقساط تضطر الكنيسة لإقتراض باقي الأموال وكان الشعب يقدم مدخراته حتى تكمل الأقساط واستمرت حملة التبرعات حتى دفعت جميع الأقساط في مواعيدها بنعمة الله ومحبة الشعب كله.
ان كان الأمر عظيما أكبر من تفكيرك أو قدراتك فلا تضطرب لأن إلهك غني وقادر على كل شيء وهو يحبك ويستطيع أن يغير القلوب من أجل راحتك ويسندك بشكل اعجازي ويعمل بضعفك أعمالاً عجيبة ليتمجد اسمه القدوس وتقف فرحاً تسبح اسمه كل حين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق